اين اخلاق ابوجهل؟

السلام عليكم
السيدة اسماء بنت ابي بكر وابوجهل:

هاجر من المسلمين من هاجر إلى المدينة وتمنت أسماء الرحيل مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع أبيها وذرفت الدموع ، إلا إنها كانت في البيت تراقب الأحداث وتنتظر الأخبار، وقد كانت تأخذ الزاد والماء للنبي صلى الله علية وسلم ووالدها أبي بكر الصديق غير آبهة بالليل والجبال والأماكن الموحشة ، لقد كانت تعلم أنها في رعاية الله وحفظه ولم تخش في الله لومة لائم.
وفي أحد الأيام وبينما كانت نائمة أيقظها طرق قوي على الباب ، وكان أبو جهل يقف والشر والغيظ يتطايران من عينيه ، سألها عن والدها ، فأجابت: إنها لاتعرف عنه شيئاً فلطمها لطمة على وجهها طرحت منه قرطها.(لله درك يا اسماء )
هل هنا انتهي الموقف ؟ لا لم ينتهي
اسمع بعد ان انتهي من فعلتة وهي (ضرب امراة) ندم واحس بحرج شديد وطلب من رفقتة ان يكتموا علية فعلتة حتي لا تعيره العرب .....
سبحان الله وهو مشرك ومتكبر وفرعون هذه الامة(كما قال النبي محمد صلي الله عليه وسلم)
ايها المستبد
اين اخلاق النبي محمد صلي الله علية وسلم؟
اين عقلك ودينك ؟
اين.... ؟
واين......؟
اين اخلاق وشهامة ابوجهل ؟

عمرو بن هشام " أبو جهل " ، الحكم بن العاص، عقبة بن أبي معيط، النضر بن الحارث، أمية بن خلف، زمعة بن الأسود، طعيمة بن عدي، أبو لهب، أبي بن خلف، نبيه بن الحجاج، منبه بن الحجاج .
اجتمعوا في دار الندوة وأبرموا اتفاقا أنهم سيترصدون خروجه صلى الله عليه وسلم وإذا ما خرج تجمعوا عليه وضربوه ضربة رجل واحد فيتفرق دمه بين القبائل – ومن المبكي الذي أضحك الناس أنهم اتخذوا من التآمر على النبي والتدبير لقتله مزحة يتمازحون بها – فكان الرأي لأبي جهل وأيَّد رأيه وسدده الشيخ النجدي " إبليس " بقوله : هذا الرأي الذي لا رأي غيره، وصدق الحق إذ قال : { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ** [الأنعام : 112] ، ووقفوا على باب النبي صلى الله عليه وسلم ينتظرون خروجه من داره، والأمر محفوظ لدى الكل من أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج وهم غافلون ونام الصحابي الجليل علي بن أبي طالب مكانه، ومرَّ رجل عليهم وركز معي في هذا الحوار :
الرجل : ماذا تنتظرون ؟
قالوا : محمدا !
قال : خبتم وخسرتم، قد والله مرَّ بكم، وذر على رءوسكم التراب، وانطلق لحاجته .
قالوا : والله ما أبصرناه، وقاموا ينفضون التراب عن رءوسهم .
ولكنهم تطلعوا من صير الباب فرأوا عليا، قالوا : والله إن هذا لمحمد نائما، عليه برده، فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا، وقام علي من الفراش، فسقط في أيديهم، وسألوه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : لا علم لي به !
تعالى واسأل نفسك بعض الأسئلة :
لِمَ لَمْ يدخل هؤلاء الجبابرة على النبي صلى الله عليه وسلم داره فيقتلوه وينالوا منه ؟
والأدهى من ذلك أنهم حتى بعد معرفتهم من أنه صلى الله عليه وسلم خرج من داره " فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا وقام علي من الفراش " لم يقتحموا الدار !
أبو جهل القائد الأعلى لقوات الكفر أبى أن يقتحم بيتا فيه نساء، حتى ولو كانت النساء اللائي في الدار نساء ألد أعدائه !
انتظروه وقيل لهم خرج فمكثوا على حالهم حتى تبين لهم أن غيره في الفراش !
تعليق على الموقف :

احترام حرمة الدار كان أمرا بديهيا لدى أبي جهل وأعوانه أما الآن فإن أكثرنا لم يصل لأخلاق أكفر أهل الأرض !
خلق آخر مفتقد !
الموقف الثالث : هو ليس موقفا ولكنه خلق سائد عند الجاهليين وهو يختص بتبرج المرأة في الجاهلية !
وكذا ورد : (( إن نساء الجاهلية كن يسدلن خمرهن من خلفهن وكانت جيوبهن من قدام وساعة فكان ينكشف نحورهن وقلائدهن ، فأمر أن يضربن مقانعهن على الجيوب لتستتر بذلك أعناقهن ونحورهن وما حواليها من شعر وزينة . وفي لفظ الضرب مبالغة في الإلقاء شبيه الإلصاق . )) اهـ [ تفسير النيسابوري 498/5 ]
وقد تعلمنا وعلمنا أن الشعر الجاهليَّ هو وسيلة الإعلام التي نقلت لنا حياة العرب بكل جوانبها فسجلت الحروب وطريقة العيش والعلاقة بين القبائل وغير ذلك ، وصدق ابن عباس عندما قال : " إن استشكل عليكم شيءٌ من القرآن فالتمسوه في الشعر ديوان العرب " فعندما بحثت عن مصطلح الحجاب لدى العرب قبل الإسلام وجدت مسميات أخرى دلَّت على وجود الحجاب في الجاهلية ، وقد ورد في ديوان العرب :
قال الربيع بن زياد : [الكامل]
مَن كان مسرورًا بمقتل مالك فليأت نسوتنا بنصف نهارِ
قد كنَّ يخبأن الوجوه تسترًا واليوم حين بدونَ للنظارِ
يجد النساء حواسرًا يندبنه يضربنَ أوجههن بالأحجارِ
وكذلك شعر صخر بن عمر السلمي : [الرجز]
والله لا أمنحُهَا شِرارَها وهي حصان قد كفتني عارها
ولو هلكتُ مزقَت خِمارها واتَّخذَت من شعرٍ صِدارها
يقول الشماخ الذبياني : [الطويل]
وَكُنتُ إِذا ما جِئتُ لَيلى تَبَرقَعَت لَقَد رابَني مِنها الغَداةَ سُفورُها
وكذا قول الأسود بن يعفر النهشلي : [أحذ الكامل]
أبني نُجيح إن أمكم أمة وإن أباكمُ وَقبُ
أكَلت خبيث الزاد فاتّخمت عنه وشمَّ خِمارها الكَلبُ
ويقول عنترة : [الكامل]
وَكَشَفتُ بُرقُعَها فَأَشرَقَ وَجهُها حَتى أَعادَ اللَيلَ صُبحًا مُسفِرا
فإن " يخبأن الوجوه ، مزقت خمارها ، تبرقعت ، شم خمارها ، كشفت برقعها " وغير ذلك خير دليل على أن المرأة العربية الحرة كانت تستر وجهها أو على أقل تقدير تستر شعرها ، وبناء على ما سبق وبما لدينا من معلومات أن أبا جهل كان رجلا عربيا حرًّا نستطيع الجزم بأن زوجته " أم مجالد بنت يربوع الهلالية " كانت تغطي – على أقل تقدير – شعرها ، فهل كانت تستطيع الخروج للطرقات كاشفة عارية .
لا تستطيع فعل ذلك إطلاقا أتدرون لِمَ ؟
لأن أبا جهل كان رجلا حرًّا يأبى الخلاعة في أهل بيته ، نعم كان كافرا ، نعم هو فرعون أمتنا ، ولكنه مع كل ما سبق لم يفقد هويته العربية ، لم يفقد المروءة !

فكيف ترون مروءة أبي جهل ؟!
***
الحاصل مما سبق هو نقل فكرة واحدة أن المسلمين لم يفقدوا هويتهم الإسلامية فحسب بل فقدوا أخلاقهم العربية وفقدوا أسمى المعاني التي كانت يرتبط ذكرها بذكرهم .
أختتم مقالتي المتواضعة بتذكير نفسي وإيَّاكم بقوله صلى الله عليه وسلم :
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ الرَّجُلَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ الْخُلُقِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ ».
وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَىَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّى مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلاَقًا».

ربِّ اغفر لي

ابن عاشور

منقول بتصرف